7 مايو 2010

يا ظالمني ..


فتحت نافذتها برفق..استرقت النظر إلى السماء.. أخذت تبحث عن نجمتها المفضلة.. توارت خلف الغيوم.. أخذت تبحث وتبحث.. كيف تغطي الغيوم الضوء بهذه السهولة!
أغلقت النافذة وكلها حزن.. أظلمت غرفتها وفتحت مفتاح الراديو لتجد صوت أم كلثوم يصل إلى قلبها وهي تغني "يا ظالمني.. يا هاجرني.. وقلبي من رضاك محروم".. كم استشعرت هذه الكلمات كأنها تقولها لحبيبها بعد طول غياب.. هرب النوم من جفونها.. أخذت تفكر فيما فعلته.. هل آلمته دون أن تدري؟ كيف تملكه هذا الحزن منها وهو يعلم يقينا أنها لم تكن لتتعمد هذا؟ على الجانب الآخر كلماته هذه نالت منها بقسوة.. أرادت أن تشعر بأمان فلم تجد إلا الخوف.. كانت تشعر وكأنها سندريلا قبل منتصف الليل وأفاقت من سعادتها عندما دقت الساعة دقاتها الإثنا عشر.. انهمرت دموعها على وجنتيها واستمر الصوت المنبعث من الراديو: "أطاوع في هواك قلبي" كم تحبه لكن حبها لا يستطيع منعها من اتخاذ أسلوب للدفاع عن كرامتها..
تحدثت إلى صديقتها المقربة.. انهارت في البكاء وهي تتحدث معها وعلى الجانب الآخر انهمرت دموع صديقتها حزنا علىصديقة عمرها التي لم تصدق حتى الآن رحيل حبيبها ليس عنها فقط لكن عن العالم بأسره.. لم تتقبل في يوم موت توأم روحها في لحظة دون وداع.
تحسست مكانه بجوارها..لازالت تشعر بدفء وسادته.. هو بلا شك هناك فقط يشعر بالغضب منها لكنها متيقنة أنه سيعود حتى يلومها على الأقل.. كم شعرت بالضعف يعتريها من غيره وظلمة الليل تستحي ضعفها هذا.
قطع تفكيرها دقات خافتة باب غرفتها.. فتحت الباب لتجده أمامها.. حركت شفتيها لكي تخبره بشوقها له.. لكي تلومه على ما حدث.. ولكي تعتذر أيضا عما بدر منها.. وضع أنامله على شفتيها.. منعها من الاستمرار في الحديث.. أخبرها بأنه لا يستطيع أن يكون إلا بها.. بأنه يحبها.. بأنه يشعر بألم لحزنها منه..بأنه يعتذر لها..
انحنى ليلتقط صورتهما التي سقطت أرضا عندما أغلق الباب في غضب منذ قليل.. نظرت له بحب.. أمسك يديها وهو يجثو على ركبتيه.. طبع قبلة حانية على أناملها أنستها كل شيء قبلها.. احتضنت يديه.. كم كانت تفتقد هذا الاحساس..
فجأة تلاشى هذا الاحساس.. فجأة استيقظت من حلمها على الواقع المؤلم الذي كانت تحاول التهرب منه.. فجأة أدركت أنها فقدت حبيب عمرها.. فجأة تبخرت يديه اللتان تخيلتهما بين أحضانها.. سقطت على الأرض وانهارت في البكاء..
مسحت دموعها ونظرت إلى صورته المعلقة على الحائط التي رفضت أن تشوهها بهذا الشريط الأحمق.. ابتسمت له وأخبرته أنها تنتظر لقاءه قريبا.. خلدت إلى نومها حتى تلتقي روحها بأليفها للأبد.